٢٠١٠-٠٦-١٤

دعوة لكل مصري خالد سعيد: اكتب وصيتك الآن.. قبل أن يأتي دورك..!


أعطني سببا واحدا كي لا أكتب وصيتي الآن، أعطني سببا واحدا كي لا تكتبها أنت.. غدا، صباحا، قد تجد نفسك أمام الخيار نفسه: كرامتك، أو حياتك.. الموت، أو خَرَس الشياطين.. فماذا ستختار؟
دورك قادم، ودوري قادم.. وإن أخطأك الدور هذه المرة فقد لا يفعل في المرة القادمة..
مم نخاف؟!
في وطن أصبح الانتحار فيه غاية وسبيلا للخلاص، ولولا أنه كفر لخرج المصريون أفواجا يلقون أنفسهم في النيل.. الذي كان نيلهم.. في وطن أصبح هذا هو حاله يصبح القتل بهذه الطريقة هدية.. تموت الآن وتستريح من كل هذا.. بل وتكون شهيدا!
دوري قادم، ودورك قادم، فلماذا لا يكتب كل مصري على أرضها وصيته؟
أنا ليس لديّ ما أورّثه، لكنني أشهدكم أنني لم أتعاط مخدرا في حياتي، فلا تصدقوهم إن قالوا أنني كنت مدمنا..
لما أتاجر في المخدرات، ولم أصادق تاجر مخدرات قط.. لم أتهرب من التجنيد، وموقفي منه سليم تماما..
لست عاطلا..
لم أتحرش بأنثى من قبل، لا في الطريق العام ولا الخاص..
لم أُتهم في سرقة سلاح أبيض ولا أي لون آخر، ولم أمتلك سلاحا قط..
لم أكتب إيصال أمانة أو شيكا بدون رصيد.. فقط أنا مدين ببقية أقساط الكمبيوتر التي أسددها شهريا، وهذه سيدفعها عني أبي، أو فليعطيهم الكمبيوتر نفسه وقتها، فلن أحتاج إليه بعد ذلك على كل حال..
لا تصدقوهم إن قالوا عني منحرفا أو مدمنا أو قاتلا أو لصا..
جريمتي الوحيدة التي لا أنكرها - والتي لا يغفرونها أبدا - أنني لا أتخلى عن كرامتي.. وأنني لست بشيطان أخرس..


٢٠١٠-٠٦-١٣

أغنية الكعكة البشرية..


لم تكن مظاهرة..
لا يمكنك أن تسمي عشرين شخصا يحيط بهم خمسون من عساكر الأمن المركزي مظاهرة.. هذه أشبه بمظاهرة داخل عربة ترحيل المساجين.. المفارقة أن هذا حدث اليوم فعلا!
مظاهرة داخل عربة ترحيل مساجين، من المتظاهرين الذين اعتقلهم الأمن من ميدان لاظوغلي، بمجرد أن مرت بهم العربة أمام كعكة الأمن المركزي المحشوة بالمتظاهرين أمام الجامعة الامريكية حتى بدأت أصواتهم تعلو في الهتاف في مظاهرة صغيرة، لم تلبث أن انتهت بمجرد أنتحرك سيل السيارات الواقفة وابتعدت بهم السيارة...

(الصورة من صفحة خالد سعيد على الفيس بوك لمظاهرة اليوم في لاظوغلي)




٢٠١٠-٠٦-١٢

مُت شهيدا مثل خالد محمد سعيد.. عشان ما تتضربش على قفاك

كلنا نعرف قصة هذا الكتاب، الذي كتبه عمر عفيفي الضابط المتقاعد، وكيف مُنع الكتاب وصودر، والمشاكل التي واجهها عمر عفيفي وسفره إلى أمريكا..
لكنني منذ قرأت بعض الأجزاء من الكتاب، لم أكف عن تكرار تساؤل ساذج نوعا: لماذا مُنع الكتاب؟!
الكتاب لا يحرض على الثورة ولا قلب نظام الحكم، ولا يحض على التظاهر، ولا يساند الإخوان.. الكتاب يمكن وصفه ببساطة على أنه "تبسيط لبعض مواد القانون المصري"، بحيث تكون مفهومة وسهلة للمواطن العادي غير المتخصص.. لماذامنع إذن؟ بأية حجة؟
السبب البديهي - بالنسبة لي - هو أن هذا غير مطلوب.. لا يجب أن تعرف حقوقك القانونية.. الناس تظن أن "قانون الطوارئ" يسلبك كل حقوقك تماما، والحقيقة التي نراها يوميا أن أمين الشرطة التي يتطاول عليك - دون مبرر - في الشارع وفي السيارة والميكروباص والمترو، يتراجع فورا أمام أي شخص يبرز له بطاقة نقابة المحامين أو الصحفيين.. لماذا؟
لأن المحامي والصحفي يعرف حقوقه!
وهذا هو بيت القصيد.. لا يجب أن تعرف حقوقك.. لا يجب أن تتمسك بحقك وكرامتك أمام الشرطة والمخبرين وأمناء الشرطة.. لا يجب أن تعتاد على قول "من حقي" و"ليس من حقك"..
وإذا تصادف أنك كنت تعرف حقوقك - لأنك تقرأ مثلا والعياذ بالله - وأنت لست محاميا أو صحفيا، فإنك ستكون استثناء، وستجد نفسك وحيدا في موقفك، بينما سيلزم الآخرون الصمت، وهم لا يفهمون لماذا تتبجح بهذا بالشكل (لازم مسنود ولا حاجة!)..
يجب أن يبقى جهلنا بحقوقنا أبديا..
يجب ألا نعتاد أن لنا حقوق أصلا..
يجب أن يبقى الخوف قيدا يكبلنا دائما.. يجب أن يستمر هذا الوضع - الآمن بالنسبة لهم - نُضرب ونصمت.. نُهان ونصمت.. نُسرق ونصمت..
وإن لم تصمت - لا قدر الله - فالويل لك.. الويل لنا جميعا إن لم نتعلم من خالد.
الساذج الذي ظن أن له كرامة، وتصرف على هذا الأساس.. فمات.. قُتل..
خالد كان مثلي، في مثل عمري، لكنه وُضع في هذا الموقف قبلي فحسب، وأنا كنت سأفعل مثله.. سأتمسك بحقوقي، وسأفكر أن "من قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون نفسه فهو شهيد"..
الخلاصة أن الموت هو مصيرنا جميعا:
مُت بيدك من فوق أحد كباري مبارك العظيمة مثل الشاب عمرو موسى، أو مت شهيدا بأيديهم كما مات خالد محمد سعيد، أو عِش ميتًا عريض القفا مكمم الفم، ككل أفراد القطيع...


٢٠١٠-٠٦-٠٧

انتحار آخر عند كوبري قصر النيل..

تحت كوبري قصر النيل، اليوم، كانت تغرق في مياه النيل، وعدد من "المراكبية" يمسكون بها ويحاولون حملها إلى الشاطئ..
الناس متزاحمون على سور الشاطئ مبهوتين، ولم يمض أسبوع واحد بعد على انتحار "عمرو" شنقا من على الكوبري نفسه.. وكأنهم يشعرون أن دورهم قادم.. وكأنهم يقولون لها: حالك ليس أسوأ من حالنا، لكننا لم ننتحر بعد..
كنت مبهوتا مثلهم، وأنا أراها جاحظة العينين ممتقعة الوجه وقد استسلمت تماما، ولم تعد تحاول  التحكم في أي عضلة من جسدها، وراحت تردد فحسب: "طلعتوني ليه؟"..
بعض المراكبية على الشاطئ كانوا يتابعون زملاءهم وهم يحملونها: "شيل معاهم يا حسن.. غطي شعرها.. امشوا كده.. طلعوها عند المشتل.. بنت الـ.... دي!"..
والآخر - الذي يحملها - لم يكف عن تعنيفها وسبها، وهي مستسلمة تماما:
- "الله يخرب بيتك، يا.... يا بنت الـ.... يا ......."..
وكأن هذا ينقصها..!
أي بيت هذا الذي سيخرب بعد كل هذا؟
أي وغد هذا الذي ينقذ امرأة ويعنفها ويسبها هكذا؟ بل أي شيطان!
حقا لا أفهم ما منطقه!
بأي حق تعنفها يا حضرة المنقذ؟
هل تتقمص دور الإله الذي سيحاسبها، أم تمنّ عليها إنقاذها؟
من أنت أصلا كي تسبها؟ من أعطاك هذا الحق؟
ماذا تريد أن تقول؟
أنك منقذ؟ مسئول؟ بطل؟بني آدم؟
لست ببني آدم أكثر منها بالتأكيد..
شيء مستفز.. وليس بأقل منه استفزازا الطبيب الذي يعنّف مريضه وهو يتألم!
من يساعد الناس وهو لا يعرف معنى الرحمة، فالناس في غنى عنه وعن مساعدته، وأولى من أن يساعدهم رياء لنفسه وللناس أن يكف أذاه عنهم أولا...

٢٠١٠-٠٦-٠٦

أنا مواطن مصري، وعندي حقوووق مصرية..!

كان يظن - الساذج - أنه سيُعامل باحترام وينال حقوقا أكثر لأنه يحمل الجنسية المصرية، ومن هنا كان يهتف في حنق بلكنته الأجنبية الملحوظة: "أنا مواطن مصري، وعندي حقوووق مصرية"..!
لمستني الفكرة التي صدمتني بمجرد مشاهدة غعلان الفيلم، ولمستني أكثر كلمات اغنية الفيلم بمجرد أن قرأتها..
أنا أحب أحمد حلمي وأتابعه بشغف منذ أن كان مذيعا في برنامج لعب عيال..
وأعشق صوت ريهام عبد الحكيم منذ سمعتها لأول مرة في مسلسل أم كلثوم..
وأعشق الأغاني التي أشعر أن كلماتها قصائد شعرية حقيقية، إذا قرأتها مكتوبة شعرت بالأثر نفسه وأنا أسمعها مغناة، ولا أشعر أنها كلمات جوفاء مكررة تستمد قوتها من عناصر الأغنية الأخرى من اللحن والأداء والتوزيع..
وقبل كل هذا أنا أعشق موسيقى عمر خيرت..
لكل ذلك - ولأسباب أخرى - كان طبيعيا أن أهتم بهذه الأغنية:


بالورقة والقلم

بالورقة والقلم.. خدتيني 100 قلم
أنا شفت فيكي مرمطة، وعرفت مين اللي اتظلم

ليه اللى جايلك أجنبي
عارفة عليه تطبطبي
وتركّبي الوش الخشب، وعلى اللي منك تقلبي

عارفة سواد العسل؟
أهو ده اللي حالك ليه وصل
إزاي - قوليلي - مكملة، وكل ده فيكي حصل؟

يا بلد معاندة نفسها
يا كل حاجة وعكسها
إزاي وأنا صبري انتهى، لسة باشوف فيكي أمل؟

طارداك وهيّ بتحضنك
وهوّ ده اللي يجننك
بلد ما تعرف لو ساكنها.. ولّا هيّ بتسكنك؟

بتسرقك.. وتسلفك
ظالماك.. وبرضه بتنصفك
إزاي في حضنك ملمومين، وانتي على حالك كده؟


كلمات: نور عبد الله
ألحان: محمد يحيى

هذه أغنية من فيلم "عسل إسود"، كلمات الشاعرة (نور عبد الله)، وهي التي كتبت من قبل أغنية شيرين الشهيرة "ما شربتش من نيلها؟"!
هناك أغنية أخرى من الفيلم أيضا، لكني لم أحب كلماتها، وأراها مستهلكة تفتقر إلى الصدق..
يبدو أن أيمن بهجت قمر  - مؤلف هذه الأغنية - لم يعد يلمس آلام وأوجاع الوطن كما كان يفعل من قبل، عندما كتب:


دي لا باظت ولا خربت
ولا جابت جاز لا مؤاخذة
دي عيشة ظريفة جدا
لا بيوتنا اتخربت، ولا حد بيشتكي لحظة
ماشية والقاشية معدن..!

وأصبح بإمكانه فحسب أن يلمس آلام وأوجاع حكام الوطن، منذ أن كتب أغنية شيرين التي غنتها بتكليف من وزير الإعلام المصري:



مبروك شفاك يا ريس وسلامة حضرتك
يا رب دايما كويس وبكامل صحتك
عمرك غالي وشاركت في أغلى نصر
حمد الله على السلامة وجيت نورت مصر
مبروك علينا سلامتك وان إحنا وحشتنا
وصوتك وابتسامتك ووجودك وسطنا



على كل حال هذه كلمات الأغنية، واحكموا بأنفسكم:


فيها حاجة حلوة

فيها حاجة حلوة.. حاجة حلوة بيننا
حاجة كل ما تزيد زيادة فيها "إنَّ"
فيها نية صافية.. فيها حاجة دافية
حاجة بتخليك تثبت فيها سِنّة سِنّة

مصر هيّ الصبح بدرى
مصر صوت الفجر يدّن
سوبيا، فول، طعمية، كشري
دوم، بطاطا سخنة جدا!

مصر أول يوم العيد
عيدية، بمب، ولبس جديد

ميكروباص، أتوبيس، ومترو
حفلة تلاتة في سينما مترو
موائد رحمن، فانوس رمضان..
مسلم في بيت مسيحي فطروا

ترنيمة لايقة على تخت غنّى
تقييلة العصرية، ولمة ع الطبلية

في مصر مولد السيدة، والذكر والهيصة..
وركعتين بركة في السيدة نفيسة
والمشي ع الكورنيش..

دي تتعبك ولا بتسيبها
تحيرك برضه حاببها
على بعضها كدا بعيوبها
حتة منك


كلمات: أيمن بهجت قمر
ألحان: عمر خيرت

حاولت البحث عن الأغنيتين على الشبكة، فلم أجد إلا نسخة - من كل منهما - رديئة جدا، لا تكاد تسمعها (يبدو أن هناك من سجلها بهاتف محمول في السينما)!
من يجدهما - يا أولاد الحلال - فلا يبخلن عليّ برابط :)


٢٠١٠-٠٦-٠٣

من أجك أنت..

أخي، عزيزي، زميلي في هذا الجيل المبارك، والعصر المبارك.. عصر الإنجازات والكباري وتنظيم الأسرة واللامساس بمحدود الدخل (بالخير أو بالشر فيما يبدو).. انظر حولك!
انظر إلى التقدم الذي وصلت إليه الإنسانية، انظر إلى الرفاهية التي يحيا فيها البشر، انظر إلى السيارات الفارهة التي تمشي في شوارع القاهرة.. وانظر بداخل السيارات نفسها. واحمد ربك على النعم التي وصل إليها بنو الإنسان..
انظر إلى الكباري التي تمشي عليها هذه  لك السيارات.. الحمد لله الذي رزقنا حاكما وحكومات يقيم لنا هذه الصروح الحضارية..
اركب سيارتك واتجه شمالا.. انظر إلى هذه الأبراج.. الفيلات، الشاليهات، القرى السياحية، الفنادق...
احمد ربك واشكره.. كل هذا من أجلك أنت أيها الشاب المكافح.. لتسترخِ في المساء بعد يوم شاق من العمل، وحتى البحث عن "ركنة" للسيارة، وتشاهد مع زوجتك فيلم السهرة على القناة الأولى، تتخلله إعلانات تنظيم الأسرة، و"احسبها صح"، لتشعر بالرضا والامتنان لكونك عاقل، "حسبتها صح"، واكتفيت بطفلين فحسب، واقتصدت في استخدام مياه "الحنفية"، ولم تسرف في شراء الأدوية دون حاجة.. لولا هذا العقل هل كنت تعيش في شقة مثل هذه؟ تركب سيارة مثل هذه؟ تلحق طفليك بمدارس مثل هذه؟ تشاهد فيلما مثل هذا في تلفاز مثل هذا؟
لولا هذا العقل هل كنت تستطيع قضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أسرتك في ناد مثل هذا؟ مل كنت ستقضي إجازتك السنوية في شاليه مثل هذا؟
احمد ربك يا أخي.. وافتح عينيك.
لا سيارة؟
والشاليه؟ لا شاليه؟
ولا شقة؟
يكفيك الأولاد!
لا أولاد؟
ولا زوجة؟!
فليرزقك الله!
لا وظيفة؟!
ماذا تبقى إذن؟
الكباري!
نعم.. هذه من أجلك أنت!
انظر إليها وإلى عظمتها وجمالها وخفة دمها..
تفحصها جيدا واحدا واحدا.. عظيمة حقا، لا تنكر ذلك..
لا تلتفت إلى الرائحة العطنة أسفلها، اصعد فوقها واستشعر حجم الإنجازات الحضارية.. اختر واحدا منها.. كوبري أكتوبر؟ كوبري قصر النيل؟ كوبري الجيزة؟ كوبري 26 يوليو؟
اختر أحدها بعناية، فهذه هي المحطة الأخيرة..
ماذا اخترت؟
كوبري قصر النيل؟
هل أعددت المشنقة؟
جيد..
اقفز...
***



كان سينظم أسرته ويكتفي بطفلين فحسب..
كان سيقتصد في مياه "الحنفية"..
كان ينوي ألا يسرف في شراء الأدوية دون حاجة..
كان يريد أن "يحسبها صح".. لكنه لم يجد فرصة ليحسبها صح أو خطأ...