عالم مجازي تعيش فيه أنت.. أناس مجازيون.. افتراضيون.. بل وهميون أحيانا.. عالمك المجازي هذا الذي تحبس نفسك فيه.. عالم هادئ نعم.. لكنك خرجت منه إلى البشر الذين يفترض أنهم حقيقيون، فإذا بهم قشور.. نخر السوس لبهم فأصبحوا خاوين.. بلا حياة.. أنت نفسك صرت بلا حياة..
ووسط ضياعك وحيرتك بين المجازيين والافتراضيين والوهميين، تأتي هي فجأة.. حياة جديدة.. بريئة.. حقيقية!
أقسم أنها حقيقية..
من في هذا العالم يمكنك أن تراهن أنه حقيقي؟
لا أحد..
حتى نفسك.. أنت لا تثق أن حقيقي..
لكنها حقيقية كاليقين.. كاسمها.. إيمان..
...
ثم تبتعد عنك فجأة..
هل أنت تضخم الأمور؟
لا.. هم الذين لا يعلمون..
الأمر ليس مجرد حضّانة وضعوها فيها..
إنها حياتك الجديدة التي ابتعدت عنك فجأة ..
...
- لو سمحت.. ممكن أدخل أشوفها؟
- ممنوع!
- دقيقة واحدة بس.. مش هاطوِّل..
- ممنوع.. ممكن تشوفها من برة.. (برة هذه أي من خلف الحاجز الزجاجي.. على بعد أكثر من عشرة أمتار منها ومن زاوية غير واضحة).. ثم قال (بنوع من الاستخفاف) : انت عايز تدخل ليه أصلا؟.. ما هي بتتغذى كويس!
- أيها المجازي الافتراضي!
... طبعا لم أقل هذه الأخيرة بصوت مسموع!
وقفت من وراء الحاجز الزجاجي أتطلع إليها من بعيد.. كانت تتحرك.. بل تلعب !
الهانم تلعب ولا على بالها أي حاجة!
...
صحت في هذا "الحاجب المجازي": - أين الطبيب ؟
- آ.. جوة..
- أقابله من فضلك!
...
وقابلته.. رجل في غاية الاحترام والذوق والود.. طمأنني كثيرا..
شرح لي الأمر كله..
قال أن نسبة الصفراء لديها 14 (لم أنتبه لوحدة القياس!) في حين أنها يجب ألا تتجاوز 10 درجات .. لهذا يضعونها ف الحضانة وقد وجهوا عليها جهاز أشعة ضوئية، مهمته تفتيت هذه الأشياء..
منظار داكن على عينيها و"حفاضة" خاصة للحماية من الأشعة..
غدا مساء - بإذن الله سيجرون لها تحليلا لتحديد النسبة، والمتوقع - إن شاء الله - أن تنخفض النسبة وتخرج فورا..
عدت وطمأنت أمها.. لم أتركها إلا وهي تضحك..
...
ياااااه !
أنا ينقلب كياني بهذا الشكل بسبب هذه الطفلة الصغيرة التي لم تنطق حرفا بعد؟
لا.. لقد نطقت!
كنت أصعد مساء لألقي عليها نظرة وهي نائمة بجوار أمها.. راقبتها لبعض الوقت، ثم قبلتهما، فأصدرت صوتا: آآآآآآآآآآ !
همزة ممتدة متململة!.. أول مرة أسمع منها غير صوت بكائها المميز !
...
إيمان.. ابنة أختي العزيزة ذات العشرة أيام.. حمدا لله على سلامتك :)