المشهد الأول:
أعلى ضجة يمكنك أن تتخيلها في حياتك تصخّ أسماعي.. حفنة من الـ... جندوا كل طاقاتهم من أجل إحداث أكبر ضجة ممكنة على سبيل الاحتفال!
لماذا؟
لأنه "فرح" !!
تحت شباك حجرتي مباشرة!
لا أفهم حقا.. ألا يمكنهم أن يفرحوا إلا بهذه الطريقة؟
فرح شعبي يعج بالكثير من "العنب" و"المولد" ووغد ما يشوه بحماس أغنيات شادية وأنغام وسواهما..
هذه المهزلة بدأت بعد صلاة المغرب مباشرة وما زالت مستمرة.. لا بد أنها مستمرة حتى مطلع الفجر..
لا أستطيع التركيز في شيء.. صداع حاد وألم في الأذنين..
هذه السهرة كنت أنوي إنجاز بعض الأعمال المؤجلة.. طبعا ضاعت الليلة تماما..
حتى الشباك اضطررت لإغلاقة بعد أن بدأت أبخرة البانجو تفوح ..
جماعات من الشباب والرجال أيضا، يجلسون في حلقات دائرية، وأمامهم أكوام من البانجو (وربما الحشيش.. لا أدري!) إلى جانب زجاجات الخمور طبعا.. كل هذا في الشارع وعلى الملأ !
أنت في بيتك، لكنك لا تستطيع أن تفتح شباكك في ظل هذا الحر الشنيع..
أنت في حجرتك لكنك لا تستطيع أن تفعل شيئا.. ولا حتى النوم..
المشهد الثاني:
الثانية صباحا.. أخرج من البيت متجها إلى المقهى المفضل لشلتنا الموقرة..
أعبر شارعا مظلما في طريقي، فأشم رائحة خبيثة.. رائحة ملوخية محترقة أو هكذا أظنها..
تتضح الرائحة ويتضح الأمر عندما أقترب أكثر.. مجموعة شباب يجلسون في الظلام - كمصاصي دماء التفوا حول ضحية - يلفون البانجو ويدخنونه..
المشهد الثالث:
آخر أيام شهر رمضان المبارك.. بعد المغرب.. بدأت ليلة العيد.. أتصل ببعض الأصحاب، لنرى إن كنا سنقضي الليلة معا حتى الصباح كالأيام الخوالي أم...
صوت إيهاب البوب:
أنا السهرة عندي.. جايبين تُمن بانجو.. جاي؟
المشهد الرابع:
(اقتباس من مشاركة للصديقة هدير من منتدى روايات)
"جت العربية البوكس ونزل منها عسكرى وواحد كمان ما اعرفش إيه رتبته..
فى البداية كان الأعلى رتبة يهم بغلق الفرح – بناء على بلاغ وصله من الجيران الذين اشتكوا من الإزعاج - وكان يكتب أشياء على أوراق معه وهو يستند إلى سيارة ما ولكن بعد أن تكلم معه رجل خرج من الفرح مخصوص ..تم التعامل ودس رجل الفرح شيئا ما فى يد الرتبة المجهولة.. ثم تعامل الرجل نفسه مع العسكري في صمت.. فقط دس فى يده شيئا.. وانتهت الليلة على أن البوكس مثل ماجاء مثلما غادر!
مع العلم أن الدى جى ساعتها قلب أغانى وطنية ..بتكلم بجد!
نستنج إيه من كده ..ماهو الشيء الذى يخرج من جيب مواطن ليوضع فى جيب مواطن آخر ؟
ما أعتقدش إنه كان بيديله مصاصة مثلا!".
المشهد الخامس:
فرح مشابه بالطقوس نفسها على بعد شوارع عدة منا.. الصيوان الكبير.. الإضاءة من أول الشارع.. صخب وضجيج.. راقصات.. بانجو.. حشيش.. خمور..
تقترب الكاميرا من هذا التجمع.. تقترب.. تخترق الزحام.. تستعرض الجالسين في الفرح.. هل تستطيع تمييز الرتب؟
أنا لا أستطيع.. هؤلاء هم "المعازيم" : انظر إلى أكتافهم جيدا.. نجوم ونسور.. نسور ونجوم.. رتب رتب!
ها.. هل ما زلت تريد إبلاغ الشرطة؟
لا أظنك ستجد أحدا في قسم الشرطة الآن!
***
مصر النسيم في الليالي وبياعين الفل.. ومراية بهتانة ع القهوة أزورها وأطل.. مصر السما الفزدقي وعصافير معدية.. والقلة مملية على الشباك مندية.. مصر الجبرتي ومصر الرافعي حال غير حال.. مصر اللي عمر الجبرتي لم عرف لها عمر.. كان زماااااااااااان..
الآن مصر العنب العنب.. والمولد.. هنروح المولد.. ماتخافشي ما تخافشي..
هيصة.. كله بيرقص ع الترابيزة والفلوس نازلة عليه..
مصر البانجو والحشيش والجوان والجوينت والسمسون والتكبير والتهييس والدماغ..
هل كنا نبحث عن سمة مميزة لعصرنا هذا الذي ضاعت ملامحه وضعنا وسطه؟
إنه عصر البانجو بلا شك..