لو أجرينا اختبارا لتحديد المستوى في اللغة العربية على غرار التويفل، وطبقناه على خريجي الجامعات المصرية (كما قلنا في التدوينة السابقة)، لوجدنا الكارثة أكبر مما نظن بكثير.
المشكلة أن البعض يقولونها صراحة، أنهم لا يجيدون اللغة العربية، ولا يجدون غضاضة في ذلك، بل لا يجدون سببا واضحا لإجادتها.
اعتدت أن أرى صدمة طلابي الأجانب الذين درسوا العربية الفصحى عدة سنوات قبل مجيئهم إلى مصر، ثم حاولوا التحدث مع الناس في شوارع مصر.. الصدمة أن: "الناس لا يفهمون ما أقول! ألا يفهمون العربية الفصحى؟".
تخيل طالبا أجنبيا جاء إليك بلدك وقد تعلم اللغة العربية، وهو يعرف أن مصر دولة عربية، لغتها الرسمية هي اللغة العربية، ثم حاول أن يحدثك بالفصحى.. ماذا ستقول له؟
"أنا لا أجيد اللغة العربية"؟
اكتبها إذن حتى لا تخطئ فيها.
هذا ما يحدث معه فعلا.. يحاول التفاهم مع الباعة أو السائقين بالعربية الفصحى، فيكون رد الفعل أن من يحدثه يضحك بشدة كأنه رأى "الأراجوز" ذاته، أو يحاول كبت ضحكه.. طبعا صاحبنا يتساءل: ما المضحك في كلامي؟ هل أنطق الكلام خطأ؟ هل لكنتي مضحكة إلى هذا الحد؟
رد الفعل هنا يكون سلبيا بالتأكيد.. عادة نحاول تهيئته لهذا الموقف.. فإذا تجاوزنا مسألة الضحك، وجدنا أغلب الناس يصرون على التحدث معه بالإنجليزية، حتى لو كانت إنجليزية "مكسرة".. لماذا؟!
هذا أمر مدهش بالنسبة لهم بالمناسبة.. هواة السفر منهم يقولون أن كل البلاد التي يزورونها يصر أهلها عادة على التحدث بلغتهم، حتى لو كانوا يجيدون لغته.. المبدأ دائما: أنت هنا، فلتتحدث لغتي.
المطب التالي أن الناس قد يفهمون كلامه إذا كان بفصحى جيدة، لكنهم غير قادرين على التحدث بها. إن المصريين يفهمون الفصحى، حتى غير المتعلمين منهم.. يفهمون نشرة الأخبار، والأفلام والمسلسلات التاريخية وقناة الجزيرة، وحتى الأطفال يفهمون أفلام الكارتون الفصحى، لكنهم لم يتعلموا التحدث بها، وهذه ثغرة أخرى في التعليم المصري في تعليم اللغات عموما، وليس اللغة العربية فحسب..
أنت درست اللغة الإنجليزية من المرحلة الإعدادية (لو كنت عجوزا مثلي) أو من الصف الرابع الابتدائي (لو كنت في سن أولادي)، أو من بداية المرحلة الابتدائية (لو كنت في سن أحفادي)، وتستمر في دراستها حتى نهاية المرحلة الثانوية، ولا يمكنك حتى التواصل بشكل جيد مع متحدث بالإنجليزية.. لا يمكنك مشاهدة فيلم أو سماع أغنية وفهمها.. يمكنك فحسب أن تقرأ وتكتب بالإنجليزية إذا كنت متفوقا بشكل كاف. بالنسبة للغة العربية فأنت تدرسها دراسة دقيقة شاملة، نحو وصرف وأدب وبلاغة.. ثم ماذا؟
لا تستطيع إجراء مكالمة تليفونية بلغة عربية جيدة.. لا تستطيع حتى التواصل بها. (في التدوينة القادمة - صوتية - سنرى أن... سنرى!).
ذات مرة ذكرت أمام طالبة أنني درست الفرنسية سنتين في المرحلة الثانوية.. وجدتها "طرطشت" الكثير من الفرنسية، بينما العبد لله يرعى في البرسيم طبعا!
سنتان في دراسة أية لغة كافية جدا لتصل إلى المستوى المتوسط أو المتقدم فيها (قراءة وكتابة واستماعا وتحدثا).
هذا فشل ذريع!
هذا نظام فشل في تعليمك أية لغة، وقصر تعاملك معها على الورقة والقلم..
الاستثناءات في ذلك هي اجتهادات فردية أو منح ربانية. لا أحد تعلم اللغة العربية في المدارس المصرية إلا من وجد أسرة اهتمت بتعليمه اللغة العربية لأسباب دينية غالبا، وهناك من وجد أستاذا أو قريبا له حببه في اللغة العربية وأكمل هو.. إلخ..
ولا أحد تقريبا تعلم لغة أجنبية في المدارس المصرية، إلا إذا كان اجتهادا شخصيا، لا يُحسب على النظام التعليمي، والتعليم المصري بريء منه!
أنا لا أبالغ للأسف. اللغة تتعلمها لتتواصل بها مع أهلها.. فهمل يمكنك التواصل بالفرنسية (أو الألمانية أو الإيطالية) التي تعلمتها لمدة عامين؟ هل يمكنك التواصل بالإنجليزية التي درستها ستة أعوام؟
لا.. أنت تتخرج وتبدأ في البحث عن "كورسات" لتتعلم اللغة.. وماذا كنت تفعل في المدرسة إذن؟!
أرجوك - إذا وصلت إلى هذه المرحلة - ألا تنسى "كورسات" اللغة العربية أيضا.
المشكلة أن البعض يقولونها صراحة، أنهم لا يجيدون اللغة العربية، ولا يجدون غضاضة في ذلك، بل لا يجدون سببا واضحا لإجادتها.
اعتدت أن أرى صدمة طلابي الأجانب الذين درسوا العربية الفصحى عدة سنوات قبل مجيئهم إلى مصر، ثم حاولوا التحدث مع الناس في شوارع مصر.. الصدمة أن: "الناس لا يفهمون ما أقول! ألا يفهمون العربية الفصحى؟".
تخيل طالبا أجنبيا جاء إليك بلدك وقد تعلم اللغة العربية، وهو يعرف أن مصر دولة عربية، لغتها الرسمية هي اللغة العربية، ثم حاول أن يحدثك بالفصحى.. ماذا ستقول له؟
"أنا لا أجيد اللغة العربية"؟
اكتبها إذن حتى لا تخطئ فيها.
هذا ما يحدث معه فعلا.. يحاول التفاهم مع الباعة أو السائقين بالعربية الفصحى، فيكون رد الفعل أن من يحدثه يضحك بشدة كأنه رأى "الأراجوز" ذاته، أو يحاول كبت ضحكه.. طبعا صاحبنا يتساءل: ما المضحك في كلامي؟ هل أنطق الكلام خطأ؟ هل لكنتي مضحكة إلى هذا الحد؟
رد الفعل هنا يكون سلبيا بالتأكيد.. عادة نحاول تهيئته لهذا الموقف.. فإذا تجاوزنا مسألة الضحك، وجدنا أغلب الناس يصرون على التحدث معه بالإنجليزية، حتى لو كانت إنجليزية "مكسرة".. لماذا؟!
هذا أمر مدهش بالنسبة لهم بالمناسبة.. هواة السفر منهم يقولون أن كل البلاد التي يزورونها يصر أهلها عادة على التحدث بلغتهم، حتى لو كانوا يجيدون لغته.. المبدأ دائما: أنت هنا، فلتتحدث لغتي.
المطب التالي أن الناس قد يفهمون كلامه إذا كان بفصحى جيدة، لكنهم غير قادرين على التحدث بها. إن المصريين يفهمون الفصحى، حتى غير المتعلمين منهم.. يفهمون نشرة الأخبار، والأفلام والمسلسلات التاريخية وقناة الجزيرة، وحتى الأطفال يفهمون أفلام الكارتون الفصحى، لكنهم لم يتعلموا التحدث بها، وهذه ثغرة أخرى في التعليم المصري في تعليم اللغات عموما، وليس اللغة العربية فحسب..
أنت درست اللغة الإنجليزية من المرحلة الإعدادية (لو كنت عجوزا مثلي) أو من الصف الرابع الابتدائي (لو كنت في سن أولادي)، أو من بداية المرحلة الابتدائية (لو كنت في سن أحفادي)، وتستمر في دراستها حتى نهاية المرحلة الثانوية، ولا يمكنك حتى التواصل بشكل جيد مع متحدث بالإنجليزية.. لا يمكنك مشاهدة فيلم أو سماع أغنية وفهمها.. يمكنك فحسب أن تقرأ وتكتب بالإنجليزية إذا كنت متفوقا بشكل كاف. بالنسبة للغة العربية فأنت تدرسها دراسة دقيقة شاملة، نحو وصرف وأدب وبلاغة.. ثم ماذا؟
لا تستطيع إجراء مكالمة تليفونية بلغة عربية جيدة.. لا تستطيع حتى التواصل بها. (في التدوينة القادمة - صوتية - سنرى أن... سنرى!).
ذات مرة ذكرت أمام طالبة أنني درست الفرنسية سنتين في المرحلة الثانوية.. وجدتها "طرطشت" الكثير من الفرنسية، بينما العبد لله يرعى في البرسيم طبعا!
سنتان في دراسة أية لغة كافية جدا لتصل إلى المستوى المتوسط أو المتقدم فيها (قراءة وكتابة واستماعا وتحدثا).
هذا فشل ذريع!
هذا نظام فشل في تعليمك أية لغة، وقصر تعاملك معها على الورقة والقلم..
الاستثناءات في ذلك هي اجتهادات فردية أو منح ربانية. لا أحد تعلم اللغة العربية في المدارس المصرية إلا من وجد أسرة اهتمت بتعليمه اللغة العربية لأسباب دينية غالبا، وهناك من وجد أستاذا أو قريبا له حببه في اللغة العربية وأكمل هو.. إلخ..
ولا أحد تقريبا تعلم لغة أجنبية في المدارس المصرية، إلا إذا كان اجتهادا شخصيا، لا يُحسب على النظام التعليمي، والتعليم المصري بريء منه!
أنا لا أبالغ للأسف. اللغة تتعلمها لتتواصل بها مع أهلها.. فهمل يمكنك التواصل بالفرنسية (أو الألمانية أو الإيطالية) التي تعلمتها لمدة عامين؟ هل يمكنك التواصل بالإنجليزية التي درستها ستة أعوام؟
لا.. أنت تتخرج وتبدأ في البحث عن "كورسات" لتتعلم اللغة.. وماذا كنت تفعل في المدرسة إذن؟!
أرجوك - إذا وصلت إلى هذه المرحلة - ألا تنسى "كورسات" اللغة العربية أيضا.
كلامك موزون ... بس فين دور الجمعيات الأهلية .. علي فكرة الدولة لها الدور الأكبر في تهميش العربية .. اليوم .. شفت علي قناة الجزيرة احتفال في تركيا لأنهم بدؤأ في إحياء العربية .. من جديد بعد ان كانت مهمشة نتيجة الحكومات العلمانية .. وكان الشباب في الإحتفال يتحدثون العربية الفصحي بطلاقة ولكن بعضهم بلكنه سيطرت علي لسانة .. لكنه لا يخطأ . . بل إن بعضهم كتب شعرا في ضياع الأندلس ..
ردحذففي خلل في التعليم واستراتيجياته .. في حاجات كتير غلط .. حتي المعلمين مش مؤهلين .. وحتي لو مؤهل ربما سبه ولعنه وشخطة وضربه في الطالب تودي بما يصنع في مهب الرياح ..
تحياتي لك
الجمعيات الأهلية دورها تكميلي، ممكن تسد ثغرات في حاجات معينة، لكن دي مشكلة في نظام التعليم نفسه!
ردحذفمهمة حلقة الجزيرة دي.. البرنامج اسمه إيه؟
أفتكر كل برامج الجزيرة موجودة على يوتيوب وممكن ألاقيه.. لو فاكر يا ريت تقول لي :)