قد تبدو لك الإجابة البديهية: نعم.. طبعا!
لكنني أدعوك للتمهل قليلا قبل أن تجيب. قل لي أولا: ماذا كتبت في سيرتك الذاتية في خانة اللغات؟
الإنجليزية غالبا. وماذا عن درجة الإجادة؟
متوسط، أم جيد، أم جيد جدا؟
على أي أساس حددت هذا المستوى؟
حسنا.. استخدم طريقتك نفسها، وحدد درجة إجادتك للغة العربية الفصحى..
ماذا ستكتب في سيرتك الذاتية في خانة درجة الإجادة بالنسبة للغة العربية؟
إذا كان قياسك موضوعيا، فربما تكون الإجابة صادمة للأسف.
ودعني أوضح لك..
هناك تقسيمات لمستويات الدراسة في أية لغة في العالم يتفق عليها علماء اللغات، وقد تختلف عند الدراسة من مكان لآخر، لكن التقسيم الأكثر شيوعا يقسمها إلى عشرة مستويات أساسية: مبتدئ (منخفض، متوسط، مرتفع)، متوسط (منخفض، متوسط، مرتفع)، متقدم (منخفض، متوسط، مرتفع)، ثم المستوى العاشر وهو متحدث اللغة الأصيل native، الذي يتحدث لغته الأم.. هناك تصنيفات تضع مستويات أخرى قبل هذا المستوى الأخير، لأن هناك فرق كبير دائما بين الدارس الأجنبي ومن يتحدث لغته الأم، ومن الصعب دائما إزالة هذا الفرق تماما..
تحديد المستوى اللغوي لأي دارس للغة أجنبية يتم عن طريق اختبارات تحديد المستوى اللغوي، أو اختبارات الكفاءة اللغوية، ومنها اختبار الإنجليزية الشهير (تويفل). أغلب اللغات لديها اختبار قياسي موحد مثل التويفل، لكن اللغة العربية لم يكن لديها اختبار كهذا حتى وقت قريب.
التجربة الوحيدة في هذا الصدد - على قدر علمي - هو اختبار الكفاءة اللغوية للغة العربية ALPT، وهو اختبار صممته الأكاديمية العربية - التي أعمل بها - وهو آخذ في الانتشار، وتعمل به الكثير من مؤسسات تعليم اللغة العربية للأجانب في أوروبا وأمريكا، لكنه ليس مجانيا.. لحسن الحظ!
المهم أن كل اختبارات الكفاءة اللغوية من هذا النوع تقوم بتقييم المهارات الأربعة الأساسية للغة (القراءة، الكتابة، الاستماع، التحدث)، وعلى أساس هذا التقييم يتحدد مستواك في اللغة.
والآن.. هل حددت مستواك في اللغة العربية؟
حسنا.. مما أراه حولي، فإن أغلب خريجي الجامعات المصرية حاليا (ومنهم الكثيرين من خريجي أقسام اللغة العربية للأسف) يمكن تحديد مستواهم كما يأتي:
- القراءة: جيد (متقدم منخفض حتى متقدم مرتفع). وهذا لأن القراءة تُقاس بالقدرة على فهم النصوص المكتوبة بهذه اللغة، واستخلاص المعلومات والأفكار العامة منها. لو كنا سنقيس بالقراءة الجهرية، فالتقييم سيختلف كثيرا بالتأكيد!
- الكتابة: متوسط (متوسط منخفض حتى متوسط مرتفع). ابتداء من المستوى المتوسط المنخفض، يُقيم الطالب على الأخطاء الإملائية والهجائية واللغوية، وإذا بلغت أخطاؤه نسبة معينة، فإنه يحاسب على ذلك بالخصم من درجاته، ولا يمر من هذا المستوى حتى يتحسن أداؤه بدرجة مقبولة.
طبعا أنتم تعرفون جيدا مستوى الكتابة لدى الشريحة التي أتحدث عنها.. وإذا لك تكونوا منهم فلابد أنكم تعانون - مثلي - من ارتفاع ضغط الدم المزمن بسبب ذلك.- الاستماع: ممتاز، أو متقدم مرتفع. فحتى غير المتعلمين يمكنهم فهم الفصحى جيدا.
- التحدث: ضعيف (مبتدئ منخفض حتى مبتدئ مرتفع). لا أحد تقريبا يجيد التحدث باللغة العربية. قلة قليلة يمكنها ذلك مع الكثير من الأخطاء واللجلجة، إلا من رحم ربي.
(المزيد من الثرثرة حول هذه النقطة في التدوينتين القادمتين - إن شاء الله - فابقوا معنا)!
جيد، متوسط، ممتاز، ضعيف.. المحصلة؟
متوسط إلى جيد!
هل من الموضوعية إذن أن يكتب في سيرته الذاتية:
Arabic: native ?
كيف درس كل هؤلاء اللغة العربية في المدارس من المرحلة الابتدائية حتى التخرج؟ بأية معجزة حصل بعضهم على درجات مرتفعة في امتحانات اللغة العربية؟
بالمعجزة نفسها التي جعلت مصححي الامتحانات أنفسهم مدرسي لغة عربية!
نشاط 1:
- احصل على عينات عشوائية من مذكرات "ملازم" اللغة العربية لبعض حيتان الدروس الخصوصية المشاهير في اللغة العربية، وأرشح لك متخصصي الثانوية العامة.
- اعرض هذه العينات على أحد المتخصصين في التصحيح اللغوي الثقات، واطلب منه إلقاء نظرة سريعة للتأكد من وجود أخطاء لغوية أو إملائية من عدمه.
- ماذا تلاحظ، وماذا تستنتج؟
ملاحظة: أنا أتحدث هنا عن الأغلبية العظمى، والاستثناءات كثيرة بالتأكيد، من خريجي أقسام اللغة العربية وغيرهم، لكنهم قلة للأسف.. وربما ينقرضون قريبا!
أنتظر إجابة السؤال في التعليقات - بعد قراءة التدوينة طبعا - وأرجو أن تشاركوا في التصويت الذي في القائمة الجانبية كذلك.
لكنني أدعوك للتمهل قليلا قبل أن تجيب. قل لي أولا: ماذا كتبت في سيرتك الذاتية في خانة اللغات؟
الإنجليزية غالبا. وماذا عن درجة الإجادة؟
متوسط، أم جيد، أم جيد جدا؟
على أي أساس حددت هذا المستوى؟
حسنا.. استخدم طريقتك نفسها، وحدد درجة إجادتك للغة العربية الفصحى..
ماذا ستكتب في سيرتك الذاتية في خانة درجة الإجادة بالنسبة للغة العربية؟
إذا كان قياسك موضوعيا، فربما تكون الإجابة صادمة للأسف.
ودعني أوضح لك..
هناك تقسيمات لمستويات الدراسة في أية لغة في العالم يتفق عليها علماء اللغات، وقد تختلف عند الدراسة من مكان لآخر، لكن التقسيم الأكثر شيوعا يقسمها إلى عشرة مستويات أساسية: مبتدئ (منخفض، متوسط، مرتفع)، متوسط (منخفض، متوسط، مرتفع)، متقدم (منخفض، متوسط، مرتفع)، ثم المستوى العاشر وهو متحدث اللغة الأصيل native، الذي يتحدث لغته الأم.. هناك تصنيفات تضع مستويات أخرى قبل هذا المستوى الأخير، لأن هناك فرق كبير دائما بين الدارس الأجنبي ومن يتحدث لغته الأم، ومن الصعب دائما إزالة هذا الفرق تماما..
تحديد المستوى اللغوي لأي دارس للغة أجنبية يتم عن طريق اختبارات تحديد المستوى اللغوي، أو اختبارات الكفاءة اللغوية، ومنها اختبار الإنجليزية الشهير (تويفل). أغلب اللغات لديها اختبار قياسي موحد مثل التويفل، لكن اللغة العربية لم يكن لديها اختبار كهذا حتى وقت قريب.
التجربة الوحيدة في هذا الصدد - على قدر علمي - هو اختبار الكفاءة اللغوية للغة العربية ALPT، وهو اختبار صممته الأكاديمية العربية - التي أعمل بها - وهو آخذ في الانتشار، وتعمل به الكثير من مؤسسات تعليم اللغة العربية للأجانب في أوروبا وأمريكا، لكنه ليس مجانيا.. لحسن الحظ!
المهم أن كل اختبارات الكفاءة اللغوية من هذا النوع تقوم بتقييم المهارات الأربعة الأساسية للغة (القراءة، الكتابة، الاستماع، التحدث)، وعلى أساس هذا التقييم يتحدد مستواك في اللغة.
والآن.. هل حددت مستواك في اللغة العربية؟
حسنا.. مما أراه حولي، فإن أغلب خريجي الجامعات المصرية حاليا (ومنهم الكثيرين من خريجي أقسام اللغة العربية للأسف) يمكن تحديد مستواهم كما يأتي:
- القراءة: جيد (متقدم منخفض حتى متقدم مرتفع). وهذا لأن القراءة تُقاس بالقدرة على فهم النصوص المكتوبة بهذه اللغة، واستخلاص المعلومات والأفكار العامة منها. لو كنا سنقيس بالقراءة الجهرية، فالتقييم سيختلف كثيرا بالتأكيد!
- الكتابة: متوسط (متوسط منخفض حتى متوسط مرتفع). ابتداء من المستوى المتوسط المنخفض، يُقيم الطالب على الأخطاء الإملائية والهجائية واللغوية، وإذا بلغت أخطاؤه نسبة معينة، فإنه يحاسب على ذلك بالخصم من درجاته، ولا يمر من هذا المستوى حتى يتحسن أداؤه بدرجة مقبولة.
طبعا أنتم تعرفون جيدا مستوى الكتابة لدى الشريحة التي أتحدث عنها.. وإذا لك تكونوا منهم فلابد أنكم تعانون - مثلي - من ارتفاع ضغط الدم المزمن بسبب ذلك.- الاستماع: ممتاز، أو متقدم مرتفع. فحتى غير المتعلمين يمكنهم فهم الفصحى جيدا.
- التحدث: ضعيف (مبتدئ منخفض حتى مبتدئ مرتفع). لا أحد تقريبا يجيد التحدث باللغة العربية. قلة قليلة يمكنها ذلك مع الكثير من الأخطاء واللجلجة، إلا من رحم ربي.
(المزيد من الثرثرة حول هذه النقطة في التدوينتين القادمتين - إن شاء الله - فابقوا معنا)!
جيد، متوسط، ممتاز، ضعيف.. المحصلة؟
متوسط إلى جيد!
هل من الموضوعية إذن أن يكتب في سيرته الذاتية:
Arabic: native ?
كيف درس كل هؤلاء اللغة العربية في المدارس من المرحلة الابتدائية حتى التخرج؟ بأية معجزة حصل بعضهم على درجات مرتفعة في امتحانات اللغة العربية؟
بالمعجزة نفسها التي جعلت مصححي الامتحانات أنفسهم مدرسي لغة عربية!
نشاط 1:
- احصل على عينات عشوائية من مذكرات "ملازم" اللغة العربية لبعض حيتان الدروس الخصوصية المشاهير في اللغة العربية، وأرشح لك متخصصي الثانوية العامة.
- اعرض هذه العينات على أحد المتخصصين في التصحيح اللغوي الثقات، واطلب منه إلقاء نظرة سريعة للتأكد من وجود أخطاء لغوية أو إملائية من عدمه.
- ماذا تلاحظ، وماذا تستنتج؟
ملاحظة: أنا أتحدث هنا عن الأغلبية العظمى، والاستثناءات كثيرة بالتأكيد، من خريجي أقسام اللغة العربية وغيرهم، لكنهم قلة للأسف.. وربما ينقرضون قريبا!
أنتظر إجابة السؤال في التعليقات - بعد قراءة التدوينة طبعا - وأرجو أن تشاركوا في التصويت الذي في القائمة الجانبية كذلك.
شكرا للبوست ..
ردحذفوبصراحة بعد اللي انا قريته خايف أكتب اللهجة العامية متقدم
اللغة العربية الفصحي جيد
تبقي مشكلة ..
تحياتي .
طب يعني هو بالنسبة لي تفتكر أنفع native? ^_^
ردحذفMR.PRESIDENT:
ردحذفعفوا..
العامية لغتك الأم. هي مشكلتنا كلنا.. شوف التدوينة الجاية.
تحياتي :)
رنا:
المهارات الأربعة مرتبطة ببعضها. مش عارف إيه مستواكِ في التحدث، بس على قدر معرفتي بالمهارات التانية أعرف انه ينفع!
انتي من الاستثناءات فعلا :D
بسم الله الرحمن الرحيم
ردحذفأحمد راشد
أخي الحبيب محمدًا :
هذه القضية في غاية الأهمية ،المشكلة تكمن بدرجة كبيرة أن تعليم النحو يتم بمعزل تام عن القراءة فتنشأ فجوة بين المقروء والمسموع وتصبح لدى الطالب -في أي مرحلة سنية- نظام صوتي مختلف يردده في داخله ويقرأ به القراءة الصامتة .هذه القراءة الصامتة تصبح هي طريقة القراءة الجهرية فيما بعد .لابد أن يكون للنحو اختبار شفوي يقيس كيفية نطق الطالب للحروف ولا يسأله لماذا رفعت أو كسرت أو ضممت لأن البحث عن التعليلات يستحوذ على اهتمام الكثيرين ويعزلهم بشكل تام عن الجوانب الصوتية الأبرز.بمعنى آخر ولا أبالغ لو أنك قرأت قطعة أمام طالب متفوق في النحو وقلت لها اقرأها من فضلك مرة أخرى كما قرأتُها أنا فإنه سيستعين بالطريقة (سكّن تسلم). ماذا سيفيدنا عندما نذكر في اختبار النحو خصائص الفعل والاسم والحرف والفرق بين النعت السببي والنعت الحقيقي ؟ماذا سيفيدنا عندما نكتب في ورقة الإجابة عن الندبة وألفاظها ؟!! احتياجنا الفعلي للنحو هو ما تعلمناه حتى الثانوية فقط وهذا المحتوى كي يؤتي أُكُله فلابد أن يكون مدعومًا بالجانب الشفوي .قبل أن أقول أخيرًا: بدلاً من أن نقول للطالب ما إعراب هذه الكلمة ولماذا فلابد أن توضَع القطعة الأدبية ويقوم بتشكيلها وهذا هو الاختبار الحقيقي للقدرة على إجادة النطق بالعربية.
وأخيرًا :فلقد درسنا في علم النفس الفارق في السنة الرابعة أن جيلفورد تقريبًا وصل إلى نتيجة في القدرات العقلية مفادها أن هناك قدرة لغوية تسمى القدرة النحوية وذكرها بأنها قدرة الفرد على التمييز النحوي حتى ولو لم يكن ضليعًا في النحو ،وكأنه يقول السليقة أو الفطرة اللغوية .هذا المفهوم هو الواجب تبنيه في النحو النطق الصحيح وليس ميتافيزيقا النحو .موضوع رائع أشكرك على طرحه
متفق معاك تماما. الجانب الشفوي مهمل تماما في تعليم اللغات عندنا، وليس في اللغة العربية فحسب. النطق الصحيح مهارة يجب أن يمارسها الطالب دون تفكير، ولذلك فهي تحتاج إلى تدريب.. أين التدريب في دراسة كلها نظرية؟
ردحذفلا أحد يجيد ركوب الدراجات بمجرد قراءة كتاب عن ركوب الدراجات!
جميل تعبير "ميتافيزيقا النحو"!
شكرا على متابعتك.
تحياتي :)