هل يفهم أحد في هذا البلد حقا معنى كلمة "بعد إذنك" التي يرددونها طوال اليوم؟
أشك!
كنت المقهى مع صديقي "رأفت"، ومعه كتاب ما تركه على الطاولة أمامنا، عندما تقدم أحدهم وقد لمح الكتاب، فمد يده وتناول الكتاب، ثم قال لرأفت ويده ما زالت ممدودة - قال يعني لم يأخذ الكتاب بعد!
- : "بعد إذنك.. ممكن أشوفه؟"!
لم يرد عليه رأفت مباشرة، وظل يحدق فيه وهو هذا الوضع "المؤقت" يمسك بالكتاب بيد ممدودة، وينتظر الإذن كزيادة تأكيد فيما يبدو.. بعد فترة قال رأفت ببساطة: لأ..!
- نعم؟!
- باقول لحضرتك لأ!
- ده أنا باقولك بعد إذنك!
- ما أنا عارف!.. وأنا باقولك لأ.. ما أذنتش يعني!
كان الأخ من الجرأة - لعلها بجاحة - بحيث يستمر في الجدال والتعبير عن دهشته واستنكاره للرفض، الأمر الذي اضطره للعودة بيده مرة أخرى، وإعادة الكتاب إلى موضعه..
البعيد لا يفهم معنى كلمة "بعد إذنك"، ولا يدرك معنى أن تطلب شيئا قد يُقبل أو يرفض..
لماذا؟
هل لأنه من المعتاد أن يقبل الناس مثل هذه الطلبات؟
لماذا؟
كرم؟ شهامة؟
وهل كون الإنسان كريما يسلبه حقه في الاختيار ما بين القبول أو الرفض؟
هل أصبحت مجبرا أن ألبي أي طلب من أي شخص لمجرد أنه سبقه بكلمة "بعد إذنك"؟
يا أخي إن ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام.. وكلمة "بعد إذنك" لم تسلبني حقي في القبول أو الرفض..
ألا نفهم معنى "حق"؟
معنى أن يتمسك شخص بحقه لا لأنه يحتاجه أو لأنه بخيل، وإنما لأنه يأبى التنازل عن حقه..
في الميكروباص أحب أن أجلس على الأريكة الخلفية، إلى اليمين بجوار النافذة، فتأتي تلك الفتاة لتقول بصيغة تنبيه - وليس بصيعة طلب - وها نافدة الصبر بأن أترك مكاني لها، وأجلس في الوسط.. فال يعني حتى لا تجلس بين رجلين.. طيب.. ما مشكلتي أنا؟
ما زال بإمكانها أن تجلس على أحد المقاعد الأمامية، أو تنتظر الميكروباص التالي، أو حتى تشرب سبرايت.. ما شأني أنا؟ هل أنا مضطر لتلبية أمر الأخت؟
من "حقي" أم أقبل وأترك بها مكاني مشكورا، ومن حقي أيضا أن أرفض دون أن أضطر للتبرير.. وهذا ما أفعله عندما أجدها "تنبهني" وكأنني أحتل مقعدها الذي أخذته قانون جديد، وتهم بالجلوس.. فأقول أنا بالبرود المناسب: لا!
طبعا تعرفون ما سيحدث:
- يا أخي دي بتقولك بعد إذنك!
يا دي المصيبة!
- شباب اليومين دول...!
- لو أختك.. ترضى...إلخ..
ألم يعد هناك اعتراف أصلا بفكرة الحقوق؟
شيء مستفز!
ليس حق أحد أن يلومني أصلا، كما أنه ليس من حق أحد أن يسألني لماذا لم أتبرع بالدم مثلا، أو لماذا لم أصلّ سنّة المغرب.. يا أخي هذا تطوع.. الله لن يحاسبني عليها، أفتحاسبني أنت؟!
أنا لا أرفض مساعدة الآخرين بالطبع، لكننا لم نعد نفهم لماذا نفعل هذا؟
أو تظن أن الله سيثيبك إذا كنت تفعل الخير لأنك مجبر على فعله؟
هل أصبح العقل "زينة" فعلا؟
منظر يعني، بلا استخدام حقيقي..؟
م
أشك!
كنت المقهى مع صديقي "رأفت"، ومعه كتاب ما تركه على الطاولة أمامنا، عندما تقدم أحدهم وقد لمح الكتاب، فمد يده وتناول الكتاب، ثم قال لرأفت ويده ما زالت ممدودة - قال يعني لم يأخذ الكتاب بعد!
- : "بعد إذنك.. ممكن أشوفه؟"!
لم يرد عليه رأفت مباشرة، وظل يحدق فيه وهو هذا الوضع "المؤقت" يمسك بالكتاب بيد ممدودة، وينتظر الإذن كزيادة تأكيد فيما يبدو.. بعد فترة قال رأفت ببساطة: لأ..!
- نعم؟!
- باقول لحضرتك لأ!
- ده أنا باقولك بعد إذنك!
- ما أنا عارف!.. وأنا باقولك لأ.. ما أذنتش يعني!
كان الأخ من الجرأة - لعلها بجاحة - بحيث يستمر في الجدال والتعبير عن دهشته واستنكاره للرفض، الأمر الذي اضطره للعودة بيده مرة أخرى، وإعادة الكتاب إلى موضعه..
البعيد لا يفهم معنى كلمة "بعد إذنك"، ولا يدرك معنى أن تطلب شيئا قد يُقبل أو يرفض..
لماذا؟
هل لأنه من المعتاد أن يقبل الناس مثل هذه الطلبات؟
لماذا؟
كرم؟ شهامة؟
وهل كون الإنسان كريما يسلبه حقه في الاختيار ما بين القبول أو الرفض؟
هل أصبحت مجبرا أن ألبي أي طلب من أي شخص لمجرد أنه سبقه بكلمة "بعد إذنك"؟
يا أخي إن ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام.. وكلمة "بعد إذنك" لم تسلبني حقي في القبول أو الرفض..
ألا نفهم معنى "حق"؟
معنى أن يتمسك شخص بحقه لا لأنه يحتاجه أو لأنه بخيل، وإنما لأنه يأبى التنازل عن حقه..
في الميكروباص أحب أن أجلس على الأريكة الخلفية، إلى اليمين بجوار النافذة، فتأتي تلك الفتاة لتقول بصيغة تنبيه - وليس بصيعة طلب - وها نافدة الصبر بأن أترك مكاني لها، وأجلس في الوسط.. فال يعني حتى لا تجلس بين رجلين.. طيب.. ما مشكلتي أنا؟
ما زال بإمكانها أن تجلس على أحد المقاعد الأمامية، أو تنتظر الميكروباص التالي، أو حتى تشرب سبرايت.. ما شأني أنا؟ هل أنا مضطر لتلبية أمر الأخت؟
من "حقي" أم أقبل وأترك بها مكاني مشكورا، ومن حقي أيضا أن أرفض دون أن أضطر للتبرير.. وهذا ما أفعله عندما أجدها "تنبهني" وكأنني أحتل مقعدها الذي أخذته قانون جديد، وتهم بالجلوس.. فأقول أنا بالبرود المناسب: لا!
طبعا تعرفون ما سيحدث:
- يا أخي دي بتقولك بعد إذنك!
يا دي المصيبة!
- شباب اليومين دول...!
- لو أختك.. ترضى...إلخ..
ألم يعد هناك اعتراف أصلا بفكرة الحقوق؟
شيء مستفز!
ليس حق أحد أن يلومني أصلا، كما أنه ليس من حق أحد أن يسألني لماذا لم أتبرع بالدم مثلا، أو لماذا لم أصلّ سنّة المغرب.. يا أخي هذا تطوع.. الله لن يحاسبني عليها، أفتحاسبني أنت؟!
أنا لا أرفض مساعدة الآخرين بالطبع، لكننا لم نعد نفهم لماذا نفعل هذا؟
أو تظن أن الله سيثيبك إذا كنت تفعل الخير لأنك مجبر على فعله؟
هل أصبح العقل "زينة" فعلا؟
منظر يعني، بلا استخدام حقيقي..؟
م
أتفق معاك في شيء واختلف في شيء وانت برضه لازلت حر .. ورأيك علي عيني وراسي .. غالبا الناس بقيت متعودة علي الغصب في كل شيء والإستسلام في كل شيء اما يكون مغصوب علي أو مستسلم لي .. وأصبح هذا الطبيعي .. وبالتالي رد فعل الاخ الذي احيه عليه .. بالنسبة للغير غير طبيعي .. لأنه مش مألوف ليهم .
ردحذفالموقف اللي بخالفك عليه .. ان نظرتك لكون موضوع الميكروباص .. انا عارف انها رزاله منهم بس انت ممكن تحطهم في خانة اليك وتسألها مستفسرا متعجب ..
دا ان شاء الله امر ولا طلب واستئذان ورجاء .. الكلمة شديدة وسعتها هيبين اما ضعف يترك له المكان .. أو نظرة سخيرة وواوعي تسيبه ..
تحياتي ليك ولصديقك ,, بجد لأني عملتها في واحد بس الفرق خد الجرنان يقراه بدون حتي ما يقول عن اذنك ..و انا قلت له سيبه يا استاذ .. كانت صدمه له جه يقول بعد كده عن اذنك قلت لا مش اذنلك .. انا فرحت جدا ان شفت نظرات الغضب في عنية .. بس انا معايا الحق ..
وهل كون الإنسان كريما يسلبه حقه في الاختيار ما بين القبول أو الرفض؟
ردحذففي العُرف المقلوب.. آه!
عاجباني لأني بحس إني بقيت ذوق اكتر من اللازم، فانضميت لشلة الكرم اللي بتتكلم عنها.
المشكلة الحقيقية أننا الظاهر لم نعد نعرف ما هو حقنا حقًا وما هو غصب
ردحذفأصبحت المفاهيم مقلوبة والصح خطأ والخطأ صح
أصبحنا نتدخل كثيرًا فيما لا يعنينا وأصبحنا لا نعترف بحق الأخر ولكننا نعرف حقوقنا ونطلبها بشكل جيد بل ومبالغ فيه أحيانًا !
MR.PRESIDENT:
ردحذفمش عارف.. ما أظنش ممكن أقول لها "ده أمر ولا طلب"!
أولا لأني مش هابقى عايز أحرجها.. أنا باتمسك بحقي وخلاص.. وثانيا لأني غالبا هاكون قررت أول ما هاتنطق.. يعني مهما حصل مش هاسيب مكاني.. فمالوش داعي بقى!
طبعا معاك الحق في موقف الجرنان.. باتضايق من الناس الكتير اللي بتتحرج تعمل زيك كده.. تحياتي لك :)
رنا:
شلة الكرم؟
قصدك الكرم الإجباري :D
الذوق مطلوب طبعا، لكن لازم نعرف نقول "لأ" لما ييجي وقتها.
جيهان:
فعلا ماحدش بقى عارف إيه حقه وإيه اللي هو مجبر عليه، وده بفعل فاعل.. بدليل مثلا كتاب "عشان ما تضربش على قفاك" اللي اتصادر، لمجرد انه بيفهم الناس حقوقها القانونية!
ومعاكي كمان في إن الناس بتتدخل فيما لا يعنيها دائما.. لكن مش صحيح إننا بنعرف حقوقنا وبنطالب بيها.. بالعكس.
نورتي يا جيهان :)
إيه (م) اللي في الآخر دي؟؟ p:
ردحذفأنا معاك في المنطق نفسه بس مش معاك في حكاية البنت والكنبة الأخيرة في المشروع دي.. عندها حق (لا مؤاغزة) يا ريس (عبدو)
الميم اللي في الآخر دي أي كلام.. كنت باكتب التدوينة في برنامج كده، وفيه مشكلة إن لو آخر حاجة في الفقرة علامة ترقيم، بتظهر غلط على يمين السطر مش الشمال، فكان لازم أكتب أي حرف في الآخر.. بس كده!
ردحذفمعترة على مووع الكنبة ليه؟
عموما عندنا ده ميكروباص مش مشروع.. يمكن في المشروع الموضوع يختلف!
(عبدو)
بسم الله الرحمن الرحيم
ردحذفأحمد راشد
يا عزيزي عندنا مشكلة في محاولة صب المجتمع في قوالب مختلفة قوالب آلية بمعنى أن تكون العبارة لا تحتمل إلا إجابة واحدة فقط ولو قلت غيرها تكون مدرجًا على قوائم محور الشر (أو محور ميدان لبنان!!)والناس عندها منسوب الرضا عن نفسها كبير ،ويشعر الفرد أنه طالما استأذن فالإذن حق مكتسب وهذه هي المشكلة ..
الرفض و الاختيار غير متحققين عندنا في أبسط المجالات كانتقاء الفاكهة أو الحضروات مثلاً.ونستطيع أن نقول أن الغاية تبرر الوسيلة مبدأ نعمل به من حيث لا نشعر .ويظن الواحد منا أنه طالما قال كلمة حسنة فقد استبرأ بها ضميره وأوجب الإجابة على الآخرين. هذه هي المشكلة .أغرب من ذلك قد يسحب الواحد منك الكتاب ويقول بعدها عن إذنك .
وبعد إذنك يا محمد دخلت المدونة من غير إذن
الغاية تبرر الوسيلة؟
ردحذفوما هي الغاية هنا؟!
عدم انتقاء الفاكهة بالنسبة لي مقبول، لأن هذه سلعته، وهو حر في طريقته في البيع، طالما لم يكن هناك احتكار للسلعة.
إذنك معاك يا فندم :)